Formation Continue

التحولات في سوق العمل الجزائري: كيف يمكن للجامعات مواكبة احتياجاته المتغيرة؟

يشهد سوق العمل الجزائري تحولات هائلة مدفوعة بعدة عوامل، بما في ذلك التطورات التكنولوجية، والعولمة، وتغير في التركيبة السكانية. هذه التحولات تُلقي بظلالها على احتياجات سوق العمل، مما يتطلب من الجامعات بذل جهود حثيثة لمواكبة هذه التغييرات وتزويد خريجيها بالمهارات اللازمة للنجاح في بيئة العمل الجديدة.

كشفت الوكالة الوطنية للتشغيل شهر جويلية الماضي عن قائمة تضم أهم التخصصات الجامعية المطلوبة في سوق العمل بالجزائر خلال السنوات الخمس الأخيرة. تصدرت القائمة تخصصات علوم التجارة والهندسة والكيمياء. إلى جانب ذلك، هناك طلب كبير على تخصصات المحاسبة والتكنولوجيا. شهد قطاع التجارة نموا ملحوظا، حيث ارتفع عدد الوظائف المعلن عنها بنسبة 30% منذ جائحة كورونا، ويعزى هذا النمو إلى ازدهار التجارة الإلكترونية. بشكل عام، تعد هذه المعلومات قيمة للطلاب الذين يختارون تخصصاتهم الدراسية، حيث تمكنهم من اتخاذ قرارات مدروسة بشأن مستقبلهم المهني في سوق العمل.

أهم التحولات في سوق العمل الجزائري:

ازدياد أهمية المهارات التقنية:

تتطلب الوظائف الجديدة مهارات تقنية متقدمة، مثل البرمجة، وتحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي.

ارتفاع الطلب على المهارات الناعمة:

بالإضافة إلى المهارات التقنية، تُصبح المهارات الناعمة، مثل التواصل، وحل المشكلات، والعمل الجماعي، أكثر أهمية في سوق العمل.

ظهور وظائف جديدة:

تخلق التطورات التكنولوجية فرص عمل جديدة في مجالات مثل التجارة الإلكترونية، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي.

تغير طبيعة العمل:

تتحول طبيعة العمل من وظائف تقليدية إلى وظائف قائمة على المعرفة، مما يتطلب المزيد من الإبداع والابتكار،كما ظهرت وظائف عديدة تعتمد على العمل الحر والعمل عن بعد.

دعم إنشاء المؤسسات الصغيرة، والمتوسطة، والناشئة :

يلعب القطاع الخاص في الجزائر دورا رئيسيا حيث يوفر فرص عمل لعدد أكبر من العاملين مقارنة بالقطاع العام. بهدف تعزيز ريادة الأعمال والقطاع الخاص، تقوم الحكومة بدعم إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة (مشاريع SME) والشركات الناشئة (startups). شهدت هذه المؤسسات نموًا هائلًا في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى خلق المزيد من الوظائف. يسعى هذا التوجه إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على قطاع المحروقات، وهو ما سيؤدي إلى تحسين سوق العمل وتوفير سلع محلية بدلاً من استيرادها.

كيف يمكن للجامعات مواكبة احتياجات سوق العمل المتغيرة؟

تحديث المناهج الدراسية:

يجب على الجامعات تحديث مناهجها الدراسية بانتظام لتشمل أحدث المهارات والتقنيات المطلوبة في سوق العمل.

تعزيز التعلم العملي:

يجب على الجامعات توفير فرص التعلم العملي لطلابها من خلال البرامج التدريبية والتعاون مع الشركات.

تطوير برامج ريادة الأعمال:

يجب على الجامعات تشجيع ريادة الأعمال بين طلابها من خلال برامج تدريبية وتقديم الدعم اللازم لهم لبدء مشاريعهم الخاصة.

تعزيز الشراكات بين الجامعات والمؤسسات:

يجب على الجامعات تعزيز الشراكات مع القطاع العام والخاص لتبادل الخبرات والتعرف على احتياجات سوق العمل.

اطلعوا على مقتطفات الطبعة الأولى من معرض التوظيف و التربصات بالمعهد العالي للعلوم.

توفير برامج التعليم المستمر:

يجب على الجامعات توفير برامج التعليم المستمر لتلبية احتياجات المهنيين الذين يرغبون في تحديث مهاراتهم.

تقديم برامج تعليمية مزدوجة (Alternance):

تُتيح هذه البرامج للطلاب قضاء جزء من وقتهم في الدراسة وجزءًا آخر في العمل في شركات حقيقية.

إن معالجة ظاهرة البطالة في الجزائر تتطلب جهدًا مشتركًا من جميع الأطراف الفاعلة، من جامعات، مؤسسات الدولة وكذا مؤسسات القطاع الخاص، كما تقع مسؤولية على عاتق المجتمع المدني في توجيه الشباب نحو الفرص المتاحة وتنمية مهاراتهم الحياتية والمهنية.

 باختصار، فإن مواجهة تحدي البطالة يتطلب نهجًا متعدد الأوجه يركز على التعليم والتدريب ودعم ريادة الأعمال وتبسيط الإجراءات الإدارية وخلق بيئة استثمارية.

من خلال العمل معًا، يمكن لكل هاته الأطراف إعداد خريجين مؤهلين قادرين على المساهمة في تنمية اقتصادية مستدامة للجزائر، مع ضمان حصول الجميع على فرص عمل مناسبة وبناء مستقبل أفضل.

Inscrivez-vous